يحس المرء بنوع من الراحة و الكمال النسبي إن كان يؤمن أنه يملك من الجمال الجسدي ما يمكنه من أن ينال إعجاب الجنس الأخر , و العكس صحيح بالنسبة للجنس ألمقابل , إلا أن السؤال الفلسفي المهم في علاقة الإنسان مع الجمال , هو المعنى الحقيقي للجمال , و الإجابة الأقرب عن التساؤل و ألأهم في هذا الإشكال , ما الجمال ... هل يحققه أن يتحقق الكمال الجسدي المنشود , أو مجرد الاقتراب منه باعتبار استحالة الوصول إلى الكمال
و الحقيقة واضحة لكل إنسان يملك مقدارا من القدرة على التفكير , فما يجب إعماله بالأساس للإجابة على هذا السؤال هو العقل قبل العين , و إدراك الأمور بكامل حقيقتها , لا يتم إلا بتحليل مجموع المشاعر في علاقتها مع ما نتمناه و كيف سيتم تحقيقه , و هل حقا ما نعتقد انه سبيل السعادة هو سبيل السعادة حقا , إلا أن الأمر مغاير , فالمجتمع يعيش كل يوم مشاهد تمثيلية باستمرار , مسلسل احتيال و خداع بصري , تمثل فيه المرأة الدور الرئيسي , و تشارك ألأدوار الثانوية , فصارت ثقافة الجسد شائعة و صار هم كل النساء و الفتيات أن يبدين بمظهر يمكنهن من إسقاط اكبر عدد ممكن من الطرائد, حتى يكون هامش الاختيار بين الضحايا واسعا , و حتى تضمن لنفسها أملا في أن تجد بحسب ضنها الجانب المقابل من حياتها الرومانسية و العاطفية
إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة فهي غالبا ما تنجح , لأنها تعيش في مجتمعات اندثرت فيه فلسفة العفة , وغلبة عليها الغريزة في كل بنود معاهدة الحيات الاجتماعية المعاصرة , لان الجانب المادي ينساق مع لهفة الغريزة النابتة في مشاعر كل إنسان , و يستغل كل جشع هذا الأمر ليسوق أي سلعة يرغب في تفريغها من المستودعات بسرعة , فتكون المرأة كالعادة على ملصق الإعلان و هي في حلتها الفاتنة , و المغرية
و من جانب علمي , يعرف عن المرأة و مهما كانت فاتنة الجمال ان جمالها سريع الزوال مع توالي السنين و أن هذا التغير على مستوى الوجه و القوام يكون جدري , و كلي, فسرعان ما تظهر الانكماشات و التجاعيد مع أواخر العشرينات , و يذبل سحر القوام المشدود , والجسد الفاتن مع أول حمل , بحيث تختفي الملامح ألأكثر جمالا بعد الولادة , و فوق كل هذا كل ذالك السحر و الجاذبية التي تبدو على نساء المجتمع الشكلي , هي ليست الا غرامات من مساحيق التجميل , و احمر شفاه , أحيانا شعر مستعار رأيت الكثيرات تضعنه لان حقيقة أمرهن انهن لا يملكن الشعر الكثيف و الاشقر كالواتي يظهرن على الأغلفة الرئيسية للمجلات و غيرهن من المذيعات , و حتى هذه الاخيرات لا يملكنه فهن الحلقة الأولى من مسلسل السراب البصري ...
هكذا يكتشف الكثيرون و غالبا ما يكون الاكتشاف في المراحل المتأخرة من انتشار السرطان , فتكون نقطة ألا العودة , أو أن العودة ستكلف بتر أعضاء و خسائر لسنوات العمر الزاهرة , و يعرف المرء أن الجمال الحقيقي يكمن في المرأة الحقيقية ,الطاهرة العفيفة , الوفية و التي تحمل على عاتقها هم الإخلاص في المشاعر لمن هو يستحق و يثبت ذالك بالميثاق الغليظ, و ما دون ذالك فهو وهم زائل فالخليل لا يتزوج في الغالب المطلق خليلته ولا الخليلة تناله , فيضحك عليها و هي تعلم وتضحك عليه بدورها و حتى على نفسها , و يستمران في الخداع و المكر , و يمكرون و يمكر الله و الله خير الماكرين , و الخاسر هو و هي
و يتعمق الجرح بالثقافة المنتشرة في المجتمع و الفهم المخلوط , عن قدسية العلاقة بين الرجل و المرأة و خطورة التلاعب بهذه القدسية و تغيب قيمتها الحقيقية , و تكون نتيجة لذاك شيوع الانحلال , و العهر الفكري , و الرذيلة بمستوياتها كلها فمن خليلة إلى شريكة , و يصعب مع ذالك على المقتنع بالفلسفة الصحيحة أن يجد ضالته في أشخاص يحملون نفس الفكر الطاهر الغير الملوث بعبثية ما تبثه الأفلام الأمريكية و المسلسلات التركية في عقول أشخاص لا يحللون ما يتلقونه و إنما ينساقون مع التيار بسهولة
بقلم: محمد وحيدة
بقلم: محمد وحيدة
إرسال تعليق
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ