مجتمعاتنا على غرار العالم انفتحت على دول الكوكب و ثقافاته, على عكس ما كانت عليه فقد كسرة هاجز التحفظ على ثقافات الآخرين, و أسلوب حياتهم, و كان الأمر نتيجة حتمية للعولمة, و التطور التقني الطفري على مستوى التواصل و المواصلات, و حتى على المستوى الفكري,تداخلت الثقافات فيما بينها و أصبحت الدول الإسلامية تنفق أموالا طائلة لاستقطاب السياح من دول العالم و تهيئ الظروف المناسبة لهم, و أيضا لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية, كل ذالك كان يعني تغير في التركيبة السكانية التي ستنشأ في المستقبل و ستتميز بوجود الأجانب من الثقافات الأجنبية التي تملك في معظمها نمط مغايرا في التفكير و العيش,و أيضا منظومة و اعتقادات أخلاقية مختلفة و بينها و بين معتقداتنا هوة و شرخ كبير الأمر الذي يعني أنها لابد أن تترك تأثيرا على الجانب الأخلاقي من مجتمعاتنا و أن اندماجها سيكون مخاضا عسير و سيأتي بعواقب ايجابية و سلبية في المجتمع
انفتاح المجتمع سيعزز به تفكير قبول الأخر و احترام معتقداته و التعود عليه, و يؤدي إلى تراجع العنصرية و العدائية ضد الأجانب و الديانات الأخرى, إلا انه أيضا سيعني أن الثقافات الأخرى ستعيش حريتها و ممارستها لمعتقداتها و إيديولوجيتها الخاصة. و من أن الطبيعي أن يتأثر الأفراد بتلك الممارسة, بدافع التشبه أو بدافع القبول أو غيرها من الدوافع, و على مستوى الإعلام و هو اكبر متغير في المعادلة, و الذي لعب دور المصدر الرئيسي للثقافات إلى كافة أرجاء العالم فبعد التلفزيون الذي نشر لغات الدول و نمط عيشها و عاداتها عبر العالم يأتي الإنترنت ليزيد من حجم النشر, و الجانب الأخلاقي ليس ببعيد أكيد فتتهامر أمام أعين المشاهدين مشاهد من الانحلال الخلقي الذي يعتبره الغرب حرية, و يبني الأمر تأثيرا نفسي على المستوى البعيد فتصير تلك المشاهد أشياء معتادة و مع الزمن تصير ممارستها أمرا عادي و هذا هو السرطان الذي أصاب مجتمعاتنا و أخرجها من دائرة الأخلاق إلى الرذيلة
من جانب أخر تملك الجالية المسلمة حضها من التأثير في المجتمع المسلم عن طريق إدخالها للعديد من العادات و الظواهر إلى أوطانها الأصلية, فالمغرب يتميز بواحدة من الظواهر الفريدة و التي تتمثل بعودة أكثر من مليوني مهاجر مغربي لقضاء عطلة الصيف, تعود هذه الجالية بثلاثة أجيال ,جيل أول ولد بالمغرب و يحمل ارتباط وثيقا به و جيل ثاني و ثالث اغلبهم يحملون جنسية أجنبية و ثقافة بلاد الإقامة و هذا الحال معمم على كل الجاليات ذات الأصول العربية, إذ أنها قد تكون حافظت على العديد من المعطيات التي ورثتها عن الجبل الأول و عن أصولها إلا أنها اندمجت بشكل كبير من الجانب الأخلاقي مع ثقافة المجتمعات المضيفة و الأمر أتى بنتائج عكسية بحيث أن الأخلاق من الجانب الديني واكبت هذا الاندماج و صار لها وقع اقل و جعلوها للاستئناس و الحديث فقط
بعدما كانت اغلب الدول العربية ارض عبور لبعض الشعوب نحو أوروبا و غيرها من الدول,صارت ارض استقرار و مكان ليستثمر و يعيش فيه ملايين البشر من الحضارات المختلفة, فدبي مثلا واحدة عواصم الاستثمار العالمي, و ثمانون بالمائة من سكانها هم أجانب, و فقط عشرون بالمائة من العرب, لتكون هذه المدينة مثالا بارز عن درجة التمازج الثقافي بالعالم الإسلامي و هي ليست الوحيدة من نوعها فهناك الكثير من مثيلاتها, و بأماكن كهذه من العلم الإسلامي ستجد نسخ شبه الأصل عن نمط الحياة بالغرب, و كذالك الشأن على المشهد الأخلاقي هناك تأثر, فالمراقص أمر طبيعي و باتت ضرورية للترفيه بالنسبة للأجانب ,و كثير من العرب و المسلمين انزاحوا مع هذه الثقافة, و يمارسونها بنفس الطريقة التي يمارسها الأجانب. الأمر يذكرني بروايات محمد شكري المليئة بالنماذج الصارخ عن مشاهد الانحلال الخلقي و الغياب الشبه المطلق للأخلاق, و يروي فيها الكاتب عن مشاهد الحياة اليومية و عن حياته بفترة الاستعمار الاسباني و الفرنسي للمغرب, تلك الفترة التي أتت فيها الدول المستعمرة ثقافتها و فرضتها على المغرب, و على باقي الدول الإسلامية المستعمرة, و كان المجتمع مزال متشبثا رغم ذالك ببعض مظاهر الخلاق الإسلامية و التحفظ, لكن رغم ذالك فقد كان لهذا التمازج تأثير بالغ على الأخلاق بالمجتمع المسلم إلى الجانب السلبي أكثر منه من الجانب الايجابي
بقلم محمد وحيدة
إرسال تعليق
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ