لعب الدين دور المحرك الرئيسي في بناء المنظومة الأخلاقية بالمجتمعات الإسلامية و العربية, فكانت الأخلاق بعقلية المواطن المسلم امتدادا لإيمانه العقدي, و يثمنها بتطبيق لدعوى الإسلام إلى الحسنى و الخلق الكريم, لتتمركز بالمجتمع نقطة دعم متمثلة في الوازع الديني, تقف كجبهة قوية تقوي التمسك بالمبادئ الأخلاقية و تبنى عليها المرجعية الفكرية التي تنضر للأخلاق كشكل من أشكال سمو الحياة الاجتماعية الإنسانية

تغير دور الدين تأقلما مع تغيرات عدة تراكمت على المجتمع أدت في الأخير إلى تراجع دور الدين وتأثيره على النضرة العامة للأخلاق و هذا تبعا لتراجع معدل التدين في بعض المناطق وحتى مع معدل تدين مرتفع في بعض المناطق فان هذا لا يعني أن التدين يعني فكر أخلاقي صحيح, فكثير من أصحاب اللحى عرفتهم لا يملكون أدنى قدر من الأخلاق أو أن ماضيهم نجس, فحتى التدين و الممارسة المكثفة للعبادة لم تبني لديهم فكر أخلاقي أو أن هذا الفكر شابته شائبة و خلل في الاعتقاد, وذالك بالتطرف في بعض النواحي من هذا الجانب أو استباحت ما يعتبر محذورا دينيا و إنسانيا, فالدين مع الزمن تغير بتداخله مع الثقافات الأخرى, فمثلا لدى الشيعة, بمناطق أغلبيتهم يعتبرون زواج المتعة امرأ مشروع في حين انه نقض صارخ لكرامة الأفراد و لقدسية العلاقة الكريمة بين المرأة و الرجل باعتبارها ميثاقا غليظ مصداقا لقوله تعالى, فهنا الغاية من هذه العلاقة هي لذة مادية فلا فرق بينها و بين الزنا إلا أنها توثق بأقلام السلطات ألإيرانية أو غيرها,هكذا تبرر طوائف مسماة على الإسلام انحلال أخلاقي متستر خلف شكل من أشكال الشرعية تضفيها السلطة و أمثلة على هذا الانحلال الذي تبيحه فتاوى الدين المشبوهة من منتسبي الطوائف المحدثة و المفتين المتلاعبين بخطورة الأمر

ففي المغرب ترك المفتي المعروف بالزمزمي ضجة إعلامية بعد سلسلة فتاوى كانت جلها مرتبطة بالجنس, و أكثرها جدلا تلك التي أجاز فيها للرجل أن يجامع زوجته المتوفاة, منتهكا حرمة الموتى و كرامة الزوجة المتوفاة, و كثيرة هي فتواه من هذا النوع, التي في كل مرة ما تثير الجدل و البلبلة الاجتماعية, هكذا نجد أن الدين قد تغير مع تراكم التحولات الفلسفية الكبرى للتفكير الديني, متأثرتا بالأحداث المستجدة حول العالم, و باستهانة بعض المفتين و رجال الدين بأحكام كتلك, وإمكانية استغلالها من بعض التيارات الفكرية لتتحدث عن الحرية كما حدث مع فتوى الزمام, فقد سمعت لأحد الملاحدة المغاربة و من يدعون التحررية, انه يتضامن معه باعتباره سمح للمرأة أن تمارس حريتها, و كان هذا الأخير يشير إلى فتوى أجاز فيها الزمزمي للمرأة أن تستعمل الموز و الخيار للاستمتاع, و الفتوى لقيت استنكارا بالشارع المغربي رغم أنها ليست غريبة على الإسلام فقد سبق و نوقشت إلا أن الحكم فيها كان مبهم, و أبان الاستنكار العام بالشارع أنه لا تزال هناك قاعدة أخلاقية مرتبطة بالدين


إنما بعثت لأتمم مكارم ألأخلاق 

و النضرة العامة لعلاقة الأخلاق بالدين مركبة و مع الزمن ازدادت تعقيدا, و مع تغير الممارسة الدينية المتعلقة بالجانب الأخلاقي, فالكل يعلم نواهيه و أوامره لكن ليس الكل يطبقها كما يجب ليس بالحرف إنما الإيمان بها كمرجعية ثابتة و احترامها, ثم أن من بين هذه التغيرات أن تم ربط مجموعة من الظواهر و الرذائل بالمتدينين من أصحاب السنة, لان مجموعة من الأحداث تراكمت في أدمغتهم و كان من ارتكبها متدينون هذا قد يترك أثرا سلبي على عقلية الأشخاص و نضرتهم إلى الدين خصوصا في صفوف الأشخاص غير المتعلمين و قليلي الاطلاع على أخلاقيات الدين و أيضا من لا تتوافر لهم الظروف أو اللقاءات مع من قد يصحح لهم هذه المفاهيم الخاطئة, ثم إن العمل المبذول من طرف الدعاة و المرشدين الدينيين قد لا يكون كافيا لأداء هذه المهمة خصوصا مع نقص الإمكانيات و قلة النوافذ الإعلامية المخصصة لهم و كون الجمهور المستهدف واسع, لذالك فنشر ثقافة الأخلاق من منظورها الديني يتطلب المزيد من العمل الجبار و التطوع من كل الأفراد الذين يملكون القدرة على الأمر

بقلم محمد وحيدة

اضف تعليق

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

أحدث أقدم