سمعت عن المؤلف الخبز الحافي منذ كنت تلميذا في القسم الثالث اعدادي,و في تلك الفترة استعرته من صديق و قرأته, هي رواية لبثة مليئة بالعبارات النابية (تطياح الهدرة) و عن الوصف الفاحش لخطايا الكاتب, الزنى الشبه اليومي ,حياة العهر... و عن السرقة و الظلم و ليال الخمر تحت البرد, حياة تائهة و عشوائية لمحمد شكري, مؤلف الرواية

و كان السر في نجاحها و انتشارها السريع , و الدولي هو اللغة التي كتبت بها,لهذا الكاتب الساخط, صاحب اللغة الحقيرة ,و سبحان الله و انا اكتب هذا المقال تصادفت عشوايئا مع مقولة له على موقع التواصل , تبثت في دهني الفكرة القائلة, بأن لغته لغة الشارع المنحل اخلاقيا و الغاضب و كانت قولته هي-إذا كنت تملك المال...فستنكح العالم وما ومن فيه - شكري , و كان ما يعيشه شكري حينها هو اسقاطا على كافة المجتمع المغربي حينها


لكن على مستوى الفكر المغربي, و الانساني عموما فلغة الكتابة تأخد بعين الاعتبار ,  وشكري كتب بلغة مشوقة, لا علاقة لها بالجانب الأخلاقي, فقد كسر كل الحواجز الأخلاقية,في الوصف و في اللفظ ,لا اقول ان الامر جيد انما هو واقع فترة ما بعد الاستعمار, الأمر مقيت بالنسبة لي و لمن يؤمنون بأطروحة الاخلاق, و من ينادون بما يسمونه التحرر سيقولون انه الصواب, لكن هنا امتداد للصراع , الذي يدور في الشارع و اروقة المؤسسات و بين منتسبي العقائد و الشرائع, و التيارات اللفكرية, فمحمد شكري بدوره كأن يشعر بتهديد الاسلاميين له و في احدى لقائاته مع جريدة الباييس الاسبانية قال ما يلي 



- أنا أيضا أحمل معي سكينا من الحجم الكبير، إن هاجمني مجنون 
( متشدد دينيا ) في الشارع .. لا أريد الذهاب وحيدا إلى المقبرة، ليذهب معي واحد أو اثنان.
- أنا ملتزم اجتماعيا، وأميل إلى الدفاع عن الطبقات المهمشة والمنسية والمسحوقة.
- أريد قتل الشهرة التي منحتني إياها رواية الخبز الحافي.  


و هنا نفهم أن شكري لاقى انتقادا من الأوساط الأسلامية, فقد كانت روايته ضربا لكل   المبادئ الدينة عرض الحائط, الا انها رغم ذالك فقد لاقت نجاحا كبيرا و تُرجمت الى عشرات اللغات العالمية, فقد كانت تحكي عن واقع حقير و مرارة عيش, في انحلال لمجتمع لا يرحم , و فقرمدقع, و مجتمع تائه بين ثقافتين, تقافة ما قبل الاستعمار و ما بعده, و كم ان الفقر يصنع كل اشكال التيه و الضياع في مخططات المواطن المغربي, و لازلنا الى يومنا هذا نعيش اكثر من رواية على شاكلة الخبز الحافي ,ما دام الوضع الاقتصادي بالمغرب لم يتغير كثيرا , المغرب يستحق تغييرا حقيقيا ليغير من الهشاشة الثقافية و الاجتماعية التي تصنعها الحاجة و العوز,  فلا اعتقد ان شكري عاش سعيدا بين كل تلك الفوضى و التي قد تبدوا لذيذة, لكن هذا في الوهلة الاولى فقط لكن أن تعيش حياتك بلا هدف, أمر مؤلم اكثر مما قد تتصور, و انا اقرأ كتب شكري احسست بالالم من هذا الماضي, لانه كان يكتب تحت وقع الالم , و بهذا الالم اخرج للأدب المغربي عنوانا مؤلم , الخبز العاري , او الحافي أنيس الفقراء , و عنوان للألم

بقلم محمد وحيدة

اضف تعليق

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

أحدث أقدم