بالمغرب و على غرار باقي بقاع العالم الإسلامي, تغيرت الكثير من المعطيات و برزت الكثير من الظواهر الجديدة و بطبيعة الحال النقاش الأخلاقي بات محط جدل في الوقت الراهن نضرا للتغير الجدري إن لم نقل الكلي. فبعدما كن هذا المجتمع شديد التحفظ إزاء مبادئه الأخلاقية, تسربت إليه بشكل تدريجي العديد من الظواهر و حصل أن ذابت العديد من تلك الظواهر في المجتمع المغربي

ألان في سنة ألفين و خمسة عشر وضع الفكر الأخلاقي بالشارع المغربي مهول للغاية فقد اتجه إلى منطقة سوداء و يواصل التوغل فيها جرائم الشوارع في ارتفاع, فكل شاب من شباب المدن القديمة يملك سكين من الحجم الكبير أو سيفا يخبئه في قميصه و يتجول بالشوارع مترصدا طريدة ...و عصابات في كل حي... و مافيا المخدرات تغرق الشباب المغربي بشتى أنواع المخدرات... الزنا في كل مكان و دور الدعارة مفتوحة ليل نهار... في الإدارات العمومية يستقبل الموظفون المواطنين بعروض الرشاوى, دفعت مئة درهم لسكرتيرة مدير المستشفى ,حتى أتمكن من ولوج فترة التدريب بالمختبر التابع لهذا المستشفى, رغم انه حق, الممرضات يسألن المرضى إذا قدمن خدمتا للمريض رغم انه واجبهن,سمعت الأمر بأدنى و عشته و لم يخبرني احد, ميزانية الدولة حينما توزع يتحايلون بطرقهم المتعددة, ليتمكنوا في النهاية من الإبقاء على جزء منها لهم, رغم أن حاجات الكداح من أبناء الشعب لم تقضى, و توزع خيرات الوطن و المناصب لأصدقاء المسئولين و العائلة المالكة و أبناء العائلات الغنية, و العائلات التي تملك فردا منها في منصب متقدم... و أبناء الكداح كبش فداء لهذه الزبونية و الفراغ الأخلاق بغرف القرار المغربية

خلال فترت تدريبي بالمختبر التابع للمستشفى الإقليمي, كان الكشف عن حالات الإصابة بفيروس فقدان المناعة المكتسبة –الايدز- شبه يومي ,العديد من الحالات , اغلبهم شباب, و هذه النتيجة... فالطرق الرئيسية لانتشار هذا الفيروس هي المخدرات و الجنس و بما أن تعاطي الأشخاص لهاتين المعضلتين قد ارتفعت, فالمصابون أيضا ارتفعت أعدادهم, كأنه عامل للكشف عن سوء الوضعية الأخلاقية بالمغرب, و ربما تحذير و عقاب للبعض, فالأب يرى ابنته تخرج للقاء عشيقها دون أن تجتاحه أحاسيس الغيرة , و نسائنا بعنا أنفسهن رخيصات, فكان تقريبا كل زملائي في شعبة العلوم على علاقات بفتيات لتنزه و الاستمتاع , إلا القلة من بعض المتدينين و آخرون تملئ أدمغتهم أفكار عن الدراسة و المستقبل و أشياء أخرى, ذالك كان ما رأيت و ما خفي ربما قد يكون أعظم, أمر خلف البنايات فأجد مراهق يحكي قصص عشقه لمراهقة في وضعية منحطة, و مرتا و جدة اثنين متعانقين , و في الشارع العام , و أخرى رأيت اثنين يتلامسان و يتعانقان و أخدا ينظران إلي و ينتظرانني حتى ارحل , حدث هذا سنة ألفين و اثني عشر كنت تلميذا حينها, رحلت تركتهما على حالهم و لك أن تتخيل... و هذا ابسط ما قد يحكى عن من يزنون و شاعت فضائحهم, فكثيرة و محزنة , و عن الخيانة الزوجية و لا شك انك سمعت البعض منها, لربما... إلا إن كنت تعيش بالمدينة الفاضلة, شخصيا عرفت الكثيرين كانوا يزغردون في ادني بأحاديث الأخلاق و التعامل, حتى شاع خبر خيانته الجنسية لزوجته, و قصص أخرى قد أملء بها كتبا, و يكفي ان تقرأ تقارير الدولة عن المشاكل الاجتماعية لتدهشك الأرقام

مؤلف الخبز الحافي لمحمد شكري, كان واحدا من الكتب التي فضحت بشاعة المشهد الأخلاقي بالمغرب, صور فيه حياة التعاسة الممتزجة بالفساد و الانحلال الأخلاقي, من أيام الاحتلال, و أشياء تغيرت و أشياء أخرى زادت حجما. شخصيا لا أشجعك على قراءته بل إني ضد كل أشكال تدنيس الحرمات الأخلاقية و الجهر بالسوء , الكلام الفاحش فلا انصح بقراءته , فدرجت قلت الأدب, وصلت بالكاتب أن يصف نفسه و هو يمارس الرذيلة, و بأبفحش العبارات, و أن يصف من حوله و هم يمارسونها ,الكل في الهوى سوى, الكل في الخطيئة, إلا إن الوضع ليس في غاية السوء إلى حد كبير, فكما كان هناك أشرار هناك فئة واسعة من المجتمع حافظة على تقاليدها و أعرافها النبيلة, و تشبثت بدينها الحنيف الذي هو حصنها الأول في مواجهة الانهيار الاجتماعي

بقلم محمد وحيدة

اضف تعليق

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

أحدث أقدم


اشترك في القائمة البريدية