التأمل هو الحظة التي يترك فيها الانسان انشغاله الدنيوي و الاجتماعي، لكي يتمعن لمدة من وقت يومه في الاشياء من حوله، و في اسرار الكون و حقائقه الكامنة في الطبيعة و في البشر ، و في جسده، (و في انفسهم افلا يتذكرون)، انها حاجة طبيعية للمرء في اللحظة التي يتعب فيها مِن ما يُؤرق كاهله و يضطهد نفسيته، و في اللحظة التي يتبادر الى ذهنه الشك بكل انواعة ، سواءً الديني او غيره نتيجتا لتراكم مضاهر غياب الإيمان و تراجع دور الوازع الديني بالمجتمع المعاصر،في هذه اللحظة يقف التقي ليزدادَ تقوى بتأمله، و ايضا الغارق في المعاصي يتأمل سواد دربه ،يقف كلاهما ليتأملا في بديع صنعة الخالق،و حقيقة الكون التي تتجه الى ان تطمسَ و تختفي خلف َ مفاتن الدنيا المتسارعة و انشغالاتها المرهقة ، هكذا رغبة الانسان في الَّحاق بالدنيا، فتكتشف الارهاق خلف الدرب الذي اختارته،و بنفس الطبيعة يعود الانسان الى الاشياء التي كانت طبيعته،الى مبادئه قد لا يعود البعض، لكن لم اتحدت عن هؤولاء تحدث عمن ذاقوا التأمل، عن الذين لا يزال في عمقِ ضمائرهم بصيص من الإيمان
و العلاقة بين التأمل و الإيمان واضحة ، انهما متلازمتان، لكي تؤمن بشيئ لابد في الأول ان تكتشفه، ثم تتأمل لتعرفه بشكل كامل و أكثرَ فأكثر، و هي صفة من صفة الانبياء ، الذين هم النمادج الإيمانية الأسمى و الاوضح، و لعل ابرز قصة تأمل ، بل و أجملها، ما كان النبي محمد صلى الله عليه و سلم صاحبَ قصته، لقد كان دائم الإعتكاف في غار حِرا البعيد و الهادئ ليتأمل في بديع الخليقة و يستنتجَ عضمةَ الخالق جلَ و علا، في هده السكينة كان عليه الصلاة و السلام يتأمل و لربما انه تسائل قبل الوحي عن الخالق، و تغلغل الإيمان في صدره الطاهر عليه الصلاة و السلام، كأنه كان تمهيدا للرسالة و الوحي
و التأمل عادة الصالحين فلربما قد ترى شيخا صالح يتأمل بحزن على ما فات من عمره،و ان السبب الذي يدفعه الى التأمل هو الإيمان، و التقوى، فلم يكن ليحزن على حياة ضاعت ،لو انه لم يكن يعلم ان ما ينتضره سيكون حصادا و جنيا لثمارٍ كان قد زرعها قيدَ حياته، فهنا نعرف انه بين الإيمان و التأمل علاقة متبادلة، قد تتأمل في اشياء إيمانية لتؤمن او لتزداد إيمانا ، و بنفس الطريقة قد يدفعك إيمانك للتتأمل اكثر ،و تأمل بنية صالحة سيعطي إيمانا أكثر
لكن ليس كل تأمل قد يزيد في إيمان المرء، فالبعض تأملو بنية السوء،فجحدوا بأيات الله و بالله العياذ،اي انه لابد من قاعدة من الايمان هي التي ستدفعك لتتأمل،فتؤمنَ أكثر، و بعلاقة عكسية ان تؤمنَ اكثر سيدفعك الى ان تتأمل أكثر، و في النهاية لابد ان نعلم أنَ الله جَل و علا هو الذي يهدي من يشاء الى صراطه،فاللهم اهدنا الى الإيمان و الى صراطك الى تأمل إيماني

إرسال تعليق
مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ