:ساره دوهمن تحكي في زيارة لها للمغرب


مريم صارت داعرة , لأنها فقدت عذريتها , أخبرتني عن هذا عندما كنا معا ببيت اكتريته بإحدى المدن الساحلية المغربية, كان عام 2008 , و قد انتقلت للتو من مدينة فاس, جذبني المكان إليه فوصف الناس الذين ألتقيهم عن المكان كان,-جميل و هادئ

يملك الأوروبيون أغلبية البيوت بالمدينة القديمة على الشاطئ, يقيمون بها فقط في الصيف, خلال هذه الفترة الدافئة يكون المكان مشبعا باللون الأزرق و يبدوا الشاطئ كبيرا و رائع, و في بقية السنة يمتلئ المكان بالجائعين , و مدمني الهروين , و تغدوا البيوت فارغة.

مريم كانت جالستا على أريكتي و هي تحكي لي قصتها , أوقفتها خلال حديثها لكي أفهم دارجتها , أجد صعوبتا في فهمها لكون لازلت أتعلم أولى كلماتي بالدارجة , سألتها و أنا متفاجئة : --صديق الطفولة اغتصبك؟؟؟ !!!

حاولت أن استعمل طريقة أخرى في الحوار معها , لأحصل على المزيد من التفاصيل, سألتها مجددا أنتي تقولين انه أجبرك على ممارسة الجنس بالقوة؟, طأطأت رأسها و هي ترجف قهوتها , ثم بشكل صاعق رفعت رأسها و قالت لا لقد كنا أصدقاء, قدمت لها سيجارة , ثم تلقت اتصالا هاتفي, و بدأت في جدال عنيف مع الشخص في الطرف الأخر من الهاتف, ثم انهارت و أجهشت بالبكاء , و صرخت بعنف : - أمي لم اعد ارغب بالعيش بالمغرب ... أريد الرحيل إلى اسبانيا- .

لاحظت أنها قد مضغت أصابعها بشكل عنيف , هذا دليل على توترها الشديد و شعورها بالتيه و الحيرة, و على ركبتها اليمنى علامة جرح عميق, كان من غير المعتاد أن أرى  ركبتيها العاريتين, في مجتمع كالمجتمع المغربي, و خلال نصف الساعة الأولى من محادثتنا, لم أشعر حقا أننا بالمغرب , مريم لم تكن مرتاحة عن حياتها هنا, بالنسبة للأعراف المغربية , و مبدئيات المجتمع, مريم قريبة إلى أن تكون عاهرة و لم تكن مرتاحتا لذالك, كانت تدخن إحدى سجائري و لم تكن تستر رأسها بوشاح, و كانت أطرافها غير مستورة , و في هذا المجتمع يعتبر الأمر خروجا عن العادة, و لم ترتدي الجلابة التي هي الزى الرسمي للنساء بالمغرب.

كان طه هو الشخص الذي ذلني على حالت مريم , و كان وجودي بالمغرب خلال مهمتي الأكاديمية حول بحث أجريه عن الكتابة النسائية المعاصرة بالدول الفرنكوفونية -الدول الناطقة بالفرنسية و التي يعد المغرب إحداها-, تعلمت الكثير في رحلتي هاته , بدأت أتقن القليل من الدارجة و هي العربية العامية بالمغرب ,مزيج من العربية و الأمازيغية و الفرنسية و الاسبانية.

في المدينة الصغيرة التي أجري فيها بحثي لم يكن وجود للمثقفين فقط أشخاص بمستوى تدريس متواضع , لم أكم ارغب في تأجير رجل كمرشد سياحي لي أفضل النساء في الأمر, و مريم التي يدور بحثي عليها تمارس الدعارة , هذا ما اخبرني به طه, أخبرته أني لا أبه لما هي عليه المهم أنني سمعت منها كلاما في الغالب لا أجده في الكتب.

في مدينة فاس تعلمت أن أحاور على الطريقة المغربية , فاطمة تعد الطعام بالمطبخ , بينما محمد جالس في المقهى, و مرشدتي هذه المرة امرأة غير متزوجة محافظة , ادفع لها مقابل إرشادي في المدينة و المساعدة التي قد أحتاجها خلال ذالك, كانت تقاطعني خلال ألقاءات النسائية التي كنت أنضمها لكي تخبرني عن الأمور التي لا يجب للمرأة بالمغرب أن تقوم بها و ما لا يجب أن تقوم به, بالنسبة لهم أن تكون للمرأة سمعة جيدة أمر غاية في الأهمية , الأمر الذي أعتبره سلبيا بالنسبة لي , فأنا لست مسلمة و لست متزوجة و لست عذراء و أعيش وحدي و لدي رغبات , من المستحيل أن أكون صديقة لمرآة مغربية جيدة , و في نفس الوقت لا ارغب في البقاء لوحدي.

و أنا أفكر قاطعتني مريم بصرختها التي وجهتها إلى أحدهم قائلتا : اذهب و ضاجع أختك سلوى , كانت جملة رخيصة ذكرتها في كتابتي للبحث مرة واحدة فقط و هي هذه المرة التي تقرأها , و تبدوا أكثر انحطاطا و هي تنطق باللغة الأصل الدارجة .

____________________________________

 Women, sex, and the Arab Spring العنوان الاصلي للمقال كاملا  هو :
 Sarah dohrmann  الكاتبة سارة دوهرمان
Harper's Magazineنشر المقال كاملا بمجلة هاربرز

ترجمة محمد وحيدة :

كان هذا مقال مقتطف من هاربرز, و هي مجلة مجلة غير مجانية هي متوفرة فقط للمشتركين بثمن بالنسبة لمواطني العالم العربي , ثمن كبير مقابل شيء بسيط هو القراءة , لأننا مع الأسف شعوب فقيرة و لا نقرأ ربما فقرنا هو الذي يمنعنا من أن نقرأ , المهم الجزء المجاني من المقال ترجمته للعربية , جذبني إليه كونه يتحدث عن النساء بالمغرب , و فضولي دفعني أن استطلع ما يكتبه الغربيون عنا , و هو مقال لطالبة جاءت للمغرب في إطار بحثها الأكاديمي عن الكتابة النسائية المعاصرة بالمنطقة الفرنكفونية , إنها من ناحية تسرد ما تراه بعينيها و ما سمعت بأدنييها , و قد يبدوا هذا واقعنا نعم و من نظرتها هي, الأمر غريب إذا نظرنا للمرأة الفاقدة للعذرية بنظرة دنيئة و نحن نملكه في عاداتنا كتقليد , و ليس للمرأة فقط فالرجل الفاجر بيننا بدوره ننظر إليه بنظرة الرجل الفاجر, و لن يحجب عنه ذالك أنه لا يملك غشاء بكارة , لكن غشاء البكارة الحقيقي موجود في قلوبنا إن افتظ َ نفقد أنفسنا , و هو قيمنا و هو الحياء الذي يجنبنا العهر و الذل الجسدي , ان فقدنا الحياء حينها نكون قد فقدنا بكارة قلوبنا , و في الغالب سنفقد بكارتنا الجنسية , لأننا فقدنا ما يحجمنا عن فعل الفاحشة, و سنعيش كالأمريكيين و الغرب نضاجع بلا قواعد عشرات المرات نساء لا نعرفهن و لا علاقة شرعية بيننا و يتكرر هذا عدة مرات قبل أن نتزوج و قد نتزوج و لا حياء في قلوبنا يردنا إلى الله, نستمر في خداع أزواجنا و قد يبادلوننا الخداع و لا نشعر , فالأمر صار عادة و قد لا نبالي , لن يبقى للحياة معنى حينها.

 طاقة الجنس قوية لا يجب نكرانها , فحينما أطلقوا سراحها بلا قيود أنجب العالم هذا التعامل الغير الأخلاقي مع الجسد و الذي تركوا فيه الأفلام الإباحية , التي باعتقادي , أبشع ما خلفه التاريخ , بل أبشع بكثير من الحرب النووية , انه بيع للإنسانية و لجسد الإنسان لنزواته الطليقة بلا قيود.

و طاقة الجنس القوية هاته هي التي باتت تحرك عجلة الاقتصاد , أفلام موضوعها الحب في كل الشاشات و أغاني و ملصقات , و مواقع تواصل للمواعدة وووو إلى أخره , كل ذالك تحركه بشكل أو بأخر الغريزة في الإنسان , يندفع بلا عقلانية للتعاطي مع هذه المنتجات , الأمر حقا خطير,  و لابد من عقلانية في سلوكياتنا الاقتصادية , و لابد من طاقة أخلاقية تجابه هذه الأسواق التي تبيع أجساد النساء و تبيع كرامة الإنسانية , تجابهها بالمقاطعة الكاملة  لهذه المنتجات فهي ليست أولوية في حياة الإنسان, و تنتج كزيادة و يشترونها للرفاهية و تمضية الوقت, و نحن مجتمعات لم تحقق بعد أولوياتها , لم تشبع جوعاها بعد , الأجدر أن نصرف هذه الأموال في عتق أرواح المئات الذين يقاسون النسيان و المرض و الجوع و قلة الطعام و الكتب ,المئات من مواطني العالم الإسلامي و العالم أجمع ينامون دون وجبة , بالمغرب يحدث هذا, لازال بالمغرب جوعا , لازال بالمغرب شباب و منهم أنا ,كرسوا أجمل أيام شبابهم و عمرهم للدراسة, لكي نجد في النهاية سبيلا لحياة مريحة و سبيلا لقوت يومي يضمن لنا الكرامة فقط الكرامة, لم نجد ما حلمنا به, نسائنا و فتياتنا لم يجدن معيلا يأخذ بأيديهن , وجدن الذئاب لتستغل قلة قوتهن, و ربما قلة عقلهن , الجنس ليس كل شيء , المعطلون و الكداح أمثالي لا يفكرون بالجنس و لا نملك له الخاطر, فلما  تملئون به شاشات القنوات الوطنية , لا نرغب في أغاني فاحشة لتشتروها بمليارات من أموال دافعي الضرائب , و نحن في حاجة للمشاريع الخلاقة للتنمية , و لا هذه السخافات , إن الإعلام و أنظمة الحكم ببلداننا تغتصبنا بهذه السياسة , هنا يليق السب بحقهم , نسب بمجتمعاتنا بكلمة النكاح لنلحق السوء بمن نسب, هنا الدولة تنكحنا , تهدر أموال شعبنا في المهرجانات , فتبا لمسئول يعلم بالأمر و لا يحرك ساكنا , لم بطون الامة جائعة , و تغطون شمس ويلاتها بالغربال, إنكم تنكحون الطبقات المسحوقة , إنكم تقتلون رغبتها في الحياة , إنكم تقضون على الربيع في هذا الوطن , بلامبالاتكم ,  و سياساتكم الفارغة من الحكامة.

إن غرف القرار بالعالم العربي , تفتقر للحكامَة إنها تعيش بلا توجه مضبوط و مدروس لحاجات المستقبل و ضروريات الحاضر , ففي الوقت الحاضر من الضروري أن نجد لمواطنينا سبلا للعيش و لكل المواطنين ,كلهم و ليس أغلبيتهم , و هذا هو السيئ بدولنا , البعض وجد سبيلا للحياة و الرفاهية و البعض الأخر يموت جوعا و يزداد فقرا على فقره, انها جريمة , أن يغيب العدل في توزيع ثروات البلد و أن يستحوذ عليها أصحاب النفوذ في السلطة , و عامة الشعب يصلها الفتات.

مثال على هذا التفاوت في المغرب مدرب الفريق الوطني لكرة القدم راتبه 63 مليون سنتيم , و الموظف العادي راتبه أقل بأكثر من 126 ضعف , مدرب فريق كرة القدم لا ينتج لهذا البلد و لو حبة بصل واحدة يدفعون له راتب أكبر مما يدفعون ل 126موظفا مجتمعين معا , مفارقة عجيبة , و هذا المدرب ليس المثال الوحيد.


العديد من أصحاب المناصب العليا رواتبهم خيالية و غير معقولة في بلد لازلنا فيه نشعر بالجوع , و الشباب عاطل عن العمل حتى أبسط و أحقر الوظائف لم نجدها , تزعجني الحقيقة و بنفس القدر تشعل في نفس الرغبة في ربيع , ربيع نطالب فيه بالحق الضائع لا بإسقاط النظام فنحن لا نعرف ما النظام و لا نرى رجاله إلا في التلفزيون , نرغب في عيش كريم في عمل و صحة و تعليم جيد و كرامة لا غير و مادامت هذه الأشياء لم تتحقق , فالربيع واجب و الربيع كالجنس ,غريزة.

اضف تعليق

مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ

أحدث أقدم